وما عن المتكلمين من النزاع والجدال في أن ارادته تعالى حادثة أم قديمة، يبتنى على أن يكون المراد من الإرادة هو الشوق. ولكن بعد ما عرفت من أن الإرادة عبارة عن اعمال القدرة، فكل ما قيل في هذا المقام في غير محله، إذ على ذلك لا ريب في أنها حادثة مخلوقة له.
فان قلت: ان ارادته تعالى وان لم تكن متعلقة بفعل العبد الا أن إرادة العبد بما أنها خارجة عن تحت قدرته فهي معلولة لإرادته تعالى وموجودة بايجاده، فتكون ارادته علة لعلة الفعل، فتكون العلة واجبة الصدور وإلا لزم تخلف مراده عن ارادته، فالفعل أيضا يكون واجب الصدور، لان الجبر على العلة جبر على المعلول.
توجه عليك ما تقدم مفصلا من أن الاختيار فعل النفس. وهي موجدة له واختياري بنفس ذاته، فلا تكون إرادة العبد متعلقة لإرادة الله.
إذا تبينت لك هذه الأمور انكشف جليا دفع هذا الوجه، فان إرادة الله تعالى لا تكون متعلقة بأفعال العباد ليلزم وجودها ولا يلزم من وجودها من دون تعلق ارادته به التصرف في سلطان المولى، بعد كون المبادئ بأجمعها تحت اختياره وقدرته كما مر، فلا جبر.
الآيات التي استدل بها على تعلق إرادة الله تعالى بالافعال وقد يقال: ان في القرآن الكريم قد انتسب الإرادة ومشتقاتها في ثلاث وأربعين آية إلى الله تعالى، وعلى ذلك فهي متعلقة بأفعال العباد وارادته لا تتخلف عن المراد، فيعود محذور الجبر.
ولكن يرد عليه أن تلك الآيات على طوائف:
الأولى الآيات الدالة على عدم تخلف المراد عن ارادته، نظير قوله تعالى " انما امره