وفي مقام الجواب عن هذه العويصة التزموا بأن التكليف انما يكون طلبا، وهو غير الإرادة، وتخلف ارادته تعالى عن المراد غير ممكن وأما طلبه فلا محذور في تخلفه عن المطلوب. فمع فرض عدم تعلق ارادته تعالى بالصلاة مثلا يأمر بها، وبه يوجد الطلب، وتخلفه عن المطلوب لا محذور فيه. ولذلك التزموا بأن التكليف بما لا يطاق جائز ولا بأس به.
وبما ذكرناه ظهر أن توجيه المحقق الخراساني (ره) كلام الأشاعرة القائلين بالمغايرة بين الطلب والإرادة، بأن المراد من المغايرة مغايرة الانشائي من الطلب كما هو المنصرف إليه اطلاقه، والحقيقي من الإرادة كما هو المراد منه غالبا حين اطلاقها، فيكون النزاع لفظيا، توجيه في غير محله.
وحيث لا ريب ان الله تعالى يعاقب طائفة لأجل ترك الواجبات وفعل المحرمات، فلا مناص لهم من انكار التحسين والتقبيح العقليين بالإضافة إليه تعالى أيضا، والا فبناءا على القول بهما لاوجه لعقابه على الفعل غير الاختياري.
ويترتب على الالتزام بأنه يعاقب على الأمور غير الاختيارية سلب العدالة عنه، ولذا التزموا بأن له أن يعاقب أشرف الأنبياء ويثبت أشقى الأشقياء، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
القول بالتفويض وأما المفوضة فحفظا لعدالة الله تعالى التزموا بأن أفعال العباد غير مربوطة به تعالى وتمام المؤثر فيها هو العبد. ولكن لازم هذا القول نفى السلطنة عنه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
والمثال العرفي الذي يوضح هذا المذهب: انه إذا فرضنا أن المولى أعطى لعبده كأسا من الخمر مع علمه بأنه يشربه وبعد ذلك خرج أمر الشرب عن اختياره بحيث لو شاء أن لا يقع في الخارج لما تمكن منه، فالشرب إذا صدر منه باختياره لا يكون مستندا