المفوتة وعدم وجوبها الشرعي.
واما الشق الثاني: وهو ما إذا كانت القدرة المطلقة دخيلة في الملاك، فحاله حال الشق الأول كما هو واضح.
واما الشق الثالث: كالاستطاعة التي علق عليها وجوب الحج، فان الظاهر أن الاستطاعة في أشهر الحج توجب صيرورة الحج ذا ملاك ملزم، وان كان ظرف أفعاله متأخرا، والاستطاعة قبلها لا اثر لها فمن يرى معقولية الواجب المعلق يلتزم بوجوب الحج من أول أشهر الحج مع تحقق الاستطاعة، وعليه فوجوب ساير المقدمات التي يتوقف عليها الحج على أقول بوجوب المقدمة، واضح، ومن يرى عدم معقولية المعلق، يلتزم بان وجوبه مشروط، وعلى ذلك فالمقدمة التي يترتب على تركها فوت الواجب وعدم القدرة على الحج في ظرفه، بعد حصول شرط الملاك، وهو الاستطاعة في أشهر الحج، حكمها حكم المقدمة المفوتة في الشقين الأولين، والأولين، والمقدمة التي يترتب على تركها ذلك قبل حصوله لا محذور في تركها، إذا العقل انما يحكم بقبح تفويت الملاك الملزم، ولا يحكم بقبح ما يوجب عدم تحقق الملاك، الا ترى ان الصوم ذو ملاك ملزم بالنسبة إلى الحاضر، ولا يحكم العقل بقبح المسافرة الموجبة لعدم كون الصوم بالنسبة إلى هذا الشخص ذا ملاك، وعلى الجملة لا قبح في الفعل أو الترك المانع عن صيرورة فعل خاص ذا ملاك ملزم، بخلاف ما يوجب فوت الملاك الملزم.
وبما ذلك يظهر حكم الشق الرابع، وهو ما إذا كانت القدرة في زمان الواجب دخيلة في الملاك فإنه لا يحكم العقل بالقبح لو ترك المقدمة الموجبة لفوت الواجب في ظرفه أصلا، فان ذلك يوجب عدم صيرورة الفعل ذا ملاك ملزم.
فالمتحصل من مجموع ما ذكرناه عدم وجوب المقدمة التي تركها يوجب عدم القدرة على الواجب في ظرفه مطلقا ومنها التعلم، وانما يوجب تركها العقاب فيما إذا لم تكن القدرة دخيله في الملاك، أو كانت القدرة المطلقة دخيلة فيه، أم كانت القدرة بعد حصول شرط خاص دخيلة وترك المقدمة بعده لا قبله، ولا يوجب العقاب في غير هذه الموارد، هذا كله فيما لو علم بافضاء الترك إلى فوت الواجب في ذلك.