وهذا الوجه لو قصر النظر على ما هو ظاهره بين الفساد: لان الوجوب يحتاج إلى مؤنة بيان التقييد بالمنع من الترك، دون الندب الذي قيده عدم المنع من الترك: إذ يكفي في اثباته عدم نصب القرينة على المنع، فالا طلاق يقتضى الحمل على الندب لا الوجوب.
ولكن الظاهر أن المحقق الخراساني ينبه ذكره على امر دقيق لطيف، وهو ان الوجوب والاستحباب امر ان بسيطان لا مركبان، من طلب شئ مع المنع من الترك، أو الاذن فيه، والوجوب هو الطلب التام الذي لا حد له من جهة النقص وبلغ مرتبة لا يرضى الامر بترك ما تعلق به، والندب هو الطلب المحدود الفاقد لمرتبة من الإرادة فهو منفصل بفصل عدمي ليس من سنخ الطلب، وعليه فإذا كان المتكلم في مقام البيان ولم ينصب قرينة على إرادة الحد يحمل الكلام على إرادة المرتبة التامة الخالصة غير المحتاجة إلى بيان الحد لعدم الحد له، ولعل هذا هو مراد صاحب الحاشية من الأكملية والشاهد عليه، قوله: ان الانصراف الموجب لتبادر الوجوب من الصيغة انصراف حقيقة الطلب ولبه لا انصراف الصيغة.
ويرد على ذلك مضافا إلى أنه امر دقيق لا يتكل عليه عند بيان عمر عرفي، ان لازم ذلك حمل الامر على أعلى مراتب الوجوب في الشدة والتأكد.
فالصحيح في وجه ظهور الامر في الوجوب بناءا على ذلك هو بناء العقلاء كما يظهر بالمراجعة إلى الأوامر الصادرة عن الموالى العرفية: فإنه لا ريب في عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال الندب، ويصح عقاب المولى على مخالفته، وان لم يعين الوجوب، راجع المحاورات العرفية.
دلالة الجملة الخبرية على الوجوب المبحث الثالث: هل الجملة الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب ككلمة أعاد - بعيد - أو ماشا كلهما ظاهرة في الوجوب أم لا؟ والكلام فيها يقع مقامين.