تتخلف عن المراد.
وأما الآية الكريمة " ولا ينفعكم نصحي ان أردت أن أنصح لكم ان كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم واليه ترجعون " 1 التي توهم دلالتها على ذلك، بتقريب انها تدل على أن عدم ايمان قوم نوح عليه السلام انما كان من جهة إرادة الله تعالى المتعلقة بأفعالهم.
فيرد على الاستدلال بها: الغى ليس بمعنى الضلالة، بل من المحتل إرادة اليأس أو العقاب منه. وعلى الأول تدل الآية على أن اليأس الذي هو نتيجة أفعالهم الاختيارية مورد لإرادة الله تعالى، وإرادة النتيجة غير إرادة الفعل وبه يظهر ما فيه على الثاني، مع أنه لو كان بمعنى الضلالة يرد على الاستدلال بها ما سيأتي في الآيات التي نسب فيها الضلال إلى الله.
وأما الآية الشريفة " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا مؤمنون " 2.
فذيلها قرينة على أن جعل الله تعالى صدره ضيقا انما هو من جهة أن الكافر لم يؤمن باختياره، فيكون سبيل الآية الكريمة سبيل النصوص الكثيرة الدالة على أن العبد ربما يكون مخذولا ومحروما من عناية الله تعالى بسبب ارتكابه بعض المعاصي، كما أنه ربما يكون موفقا بالحسنات والخيرات بواسطة التزامه ببعض الخيرات والحسنات فبعضها يكون معدا للاخر ويعطى القابلية لان يوفقه الله تعالى لمرضاته، وإذا ثبت ذلك في الضلالة ثبت في الهداية أيضا.
المشيئة الإلهية وافعال العباد ولا يخفى أن كثير من الآيات الكريمة تضمنت للمشيئة الإلهية، واستدل بها تارة