وعلى فرض التنزل وتسليم وعدم سقوط الامر، يقع الكلام في المورد الثاني، وهو انه هل يجب الاتيان به في الزمان الثاني أيضا فورا، أم لا يجب؟ وقد استدل للأول، بان منشأ القول بالفور، ان كان هو ما كان خارجا عن الصيغة كالآيتين، فهو يدل ان كل ما هو خير ومغفرة يجب المسارعة والاستباق إليه، والفعل بعد عدم اتيانه في الزمان الأول: بما ان التكليف به باق، فهو خير ومغفرة في الزمان الثاني فيجب المسارعة نحوه بمقتضى عموم الآيتين وهكذا في الأزمنة المتأخرة.
وفيه: ان عنوان المسارعة المطلوبة ان كان يصدق على غير الاتيان به في الزمان الأول:، فلازم ذلك التخيير بين افراد السبق والمسارعة، والا، فلا دليل على لزوم الاتيان به في الزمان الثاني فورا، وان شئت قلت إن الظاهر منهما وجوب المسارعة بقول مطلق، وليس لهذا العنوان الا فرد واحد، وهو الاتيان في الزمان الأول: واتيان الفعل في الزمان الثاني، وان صدق عليه المسارعة بالإضافة، الا انه لا دليل على مطلوبيتها: لان الدليل دل على مطلوبية المسارعة بقول مطلق، لا مطلق المسارعة، فتحصل انه لا فرق في كون منشأ القول بالفور، هي الصيغة، أم كان خارجا عنها كالآيتين في عدم دلالته على لزوم الاتيان به فورا فتدبر.
مبحث الاجزاء الفصل الثالث: في أن الاتيان بالمأمور به على وجهه، هل يقتضى الاجزاء، أم لا؟
أم هناك تفصيل؟ وجوه وقبل الخوض في المقصود وتقيح القول فيه لابد من تقديم أمور: الأول: ما هو المراد من كلمة وجهه في العنوان. ذكر المحقق الخراساني في الكفاية ان المراد به، وهو النهج الذي ينبغي ان يؤتى به على ذاك النهج شرعا وعقلا، لا خصوص الكيفية المعتبرة في المأمور به شرعا.
واستدل له بوجهين: أحدهما: انه لو كان المراد خصوص الوجه الشرعي، لزم خروج التعبديات عن حريم النزاع بناءا على كنون قصد القربة من كيفيات الإطاعة عقلا: