مقدمة الواجب الفصل الرابع: في مقدمة الواجب، قبل التعرض للمقصود يقع الكلام في عدة جهات الأولى: في بيان المراد من الوجوب المبحوث عنه في المقام، فنقول انه لا ريب ولا شك لاحد في أن المراد منه ليس، هو الوجوب العقلي يعنى لا بدية الاتيان بالمقدمة:
بداهة ان ذلك مساوق للمقدمية للواجب، إذ العقل إذا أدرك توقف الواجب على مقدمته ورأى أو تركها يؤدى إلى ترك الواجب الذي فيه احتمال العقاب، يستقل بلزوم اتيانها تحصيلا للأمن من العقوبة فيكون انكاره انكارا لها وهو خلف الفرض.
وأيضا لا ينبغي الشك في أن المراد من الوجوب المبحوث عنه ليس هو الوجوب المجازى بمعنى ان الوجوب المسند إلى ذي المقدمة أولا وبالذات، ينسب إلى مقدماته مجازا وثانيا وبالعرض، ضرورة انه ليس شان الأصولي ولا الفقيه البحث عن ذلك. مع أن صحة هذا الاسناد لا كلام فيها.
بل المراد منه اما، الوجوب الاستقلالي الشرعي كما هو ظاهر المحقق القمي (ره) أو الوجوب التبعي الارتكازي، بمعنى ان الامر لو كان ملتفتا إلى نفس المقدمة لأوجبها وسيجيئ عند البحث عن أدلة الطرفين ما هو الحق في المقام.
وحيث إن للوجوب تقسيما آخر إذ ربما يكون نفسيا ناشئا عن مصلحة في المتعلق، وربما يكون طريقيا جعل تحفظا على الملاكات الواقعية التي لا يرضى الشارع الأقدس بفوتها حتى في حال الجهل كوجوب الاحتياط في الأبواب الثلاثة، وثالثا، يكون غيريا من جهة كون متعلقه مقدمة لما فيه الملاك الملزم.
وبديهي ان وجوب المقدمة ليس من القسمين الأولين، فلا محالة هو على تقدير الثبوت من قبيل القسم الأخير.