الصمت من لساني لأثني عليك.
فعند هذا رجع السالك واعتذر عن سؤاله ومعاتبته، فقال لليمين والقلم والعلم والإرادة والقدرة وما بعدها: اقبلوا عذري فانى غريبا كنت في بلادكم ولكل داخل دهشة فما كان انكاري عليكم الا عن قصوري وجهلي والآن قد صح عندي عذركم وانكشف لي ان المتفرد بالملك والملكوت والعزة والجبروت هو الواحد القهار والكل تحت تسخيره وهو الأول والآخر والظاهر والباطن. فهذا هو الكلام في تفسير الاضلال - انتهى.
الآيات التي استدل بها للجبر سادسها جملة من الآيات الشريفة، وهي طوائف:
منها - ما تقدم من الآيات المتضمنة لاسناد الاضلال إلى الله تعالى وقد مر الجواب عنها.
ومنها - الآيات المتضمنة لنسبة الهداية إلى الله سبحانه، وقد مر عند الاستدلال بها لتعلق ارادته تعالى ومشيئته بأفعال العباد الجواب عنها، وملخصه أن للهداية أنواعا:
أولها الهداية العامة التكوينية، وهي الهداية إلى جلب المنافع ودفع المضار، بإضافة المشاعر الظاهرة والمدارك الباطنة والقوة العاقلة، قال الله سبحانه " ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " 1.
وثانيها نصب الدلائل العقلية الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد، واليه يشير قوله تعالى " وهديناه النجدين " 2.
ثالثها الهداية العامة التشريعية بارسال الرسل وانزال الكتب واليه يشير قوله سبحانه " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " 3، وقوله عز وجل " انا هديناه السبيل