الصورة الرابعة: ما إذا علم وجوب شئ في الشريعة كالوضوء وتردد امره بين كونه واجبا نفسيا أم غيريا ومقدمة للصلاة التي لا تكون واجبة فعلا لمانع كالحيض وفي هذه الصورة تجرى البراءة عن وجوب الوضوء كما افاده المحقق الخراساني (ره) إذ لو كان واجبا غيريا لما وجب فعلا. فيبقى الشك في وجوبه النفسي فتجري البراءة عنه.
آثار الواجب النفسي والغيري ثم انه يقع الكلام في آثارهما. منها ما قيل من، استحقاق الثواب على امتثال الامر النفسي، واستحقاق العقاب على عصيانه، وهما لا يترتبان على موافقة الامر الغيري ومخالفته وتنقيح القول في مقامين: الأول: في الواجب النفسي. الثاني: في الواجب الغيري. اما المقام الأول فالكلام فيه في موردين: أحدهما في العقاب ثانيهما في الثواب.
اما المورد الأول: فلا كلام في أصل استحقاق العقاب على مخالفته الامر النفسي.
وانما الكلام في سبب ذلك. فأقول، انه لا ريب في أن العقاب عليها ليس لأجل عدم وصول المولى إلى غرضه لعلوه عما ينشأ من الجهة الحيوانية علوا كبيرا، ولا لأجل عدم وصول العبد إلى الغرض المترتب على المتعلق إذ عدم تحصيل الغرض في نفسه لا يوجب استحقاق العقاب، ولا لأجل تأديب العبد لئلا يعود إلى مخالفته المولى فان هذا انما يحسن في دار التكليف لا في النشأة الآخرة التي ليست دار التكليف، وليس لأجل إزالة القذارات الحاصلة بالمخالفة ليصير العبد لائقا لحضور مجلس السلطان وطاهرا قابلا لتنعمه بنعم دار الآخرة لعدم اجتماعه مع الخلود في العذاب فتدبر.
بل العقاب انما يكون بملاحظة أحد أمور ثلاثة. الأول: بلحاظ جعل الشارع بدعوى ان قاعدة اللطف المقتضية لارسال الرسل وانزال الكتب، وبيان الاحكام واعلام العباد ما فيه الفساد أو الصلاح، تقتضي تأكيد الدعوة في نفوس العامة بجعل العقاب.
الثاني: بملاحظة الحكم العقلي العملي الذي من شانه ان يدرك ما ينبغي فعله أو تركه أي القوة المميزة للحسن والقبح باعتبار مدركاته وهو يدرك ان مخالفة المولى