" وانما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " 1 وفي غير ذلك من الآيات والروايات جعلت الإرادة غير العلم، وقد تقدمت. وقد عرفت أن تفسير جماعة ارادته تعالى بعلمه غلط واشتباه مناف للاخبار والآيات.
فان قيل: ما معنى تصريح كثير من الفلاسفة بأن علمه تعالى فعلى لا انفعالي، بعد كون طاهره أن علمه ليس تابعا للمعلوم بل المعلوم تابع له؟
قلنا: ان مرادهم بذلك أن العلم تارة يطلق ويراد منه نفس الإضافة المتأخرة عن وجود الطرفين التي هي المضاف الحقيقي، وأخرى يطلق ويراد منه مبدأ تلك الإضافة. والعلم بالمعنى الأول ليس من الصفات الذاتية له تعالى والا يلزم أن يكون لغير ذاته مدخلية في كمال ذاته، وهو مستلزم لمدخلية غيره في ذاته، وهو ضروري البطلان، بل العلم بالمعنى الثاني، أي مبدأ تلك الإضافة الخاصة كمال له وعين ذاته، فعلمه بمعنى ما هو مبدأ العالمية.
أو المراد أن علمه بما أنه من الصفات الذاتية متحد مع ذاته، وحيث أن ذاته مبدأ لجميع الموجودات حتى أفعال العباد لان مبادئها من قبل الله تعالى، فكذلك علمه المتحد مع ذاته، فليس معنى فعلية علمه كونه علة لجميع الموجودات. وحيث أن ذاته لا تكون علة لافعال العباد بل الموجد لها هو العبد، فكذلك علمه المتحد مع ذاته.
الثالث أن علمه تعالى كما يكون متعلقا بأفعال العباد كذلك يكون متعلقا بأفعاله، فلو كان علة لزم الالتزام بالجبر حتى في أفعاله سبحانه.
الاستدلال للجبر بسلطنة الله تعالى رابعها أن اثبات القدرة للعبد واسناد الفعل إليه استقلالا أو مع الله والالتزام بأنه