مبحث المقدمة من المسائل الأصولية الثانية: ان هذه المسألة هل هي من المسائل، الأصولية، أو الفقهية، أو الكلامية، أو المبادئ الأحكامية، أو المبادئ التصديقية. ففيها وجوه وأقوال.
قد يقال انها من المسائل الفقهية: لان المبحوث عنه في هذه المسألة هو وجوب المقدمة.
وأجاب عنه المحقق النائيني، بان المسألة تكون أصولية، وان كان البحث عن وجوب المقدمة، وعلله، بان علم الفقه متكفل لبيان أحوال موضوعات خاصة، كالصلاة، والصوم، وما شاكل، والبحث عن وجوب المقدمة، التي لا ينحصر صدقها، بموضوع خاص، لا يتكفله علم الفقه.
ويرد عليه الفقه، كما يكون متكفلا لبيان أحوال الموضوعات الخاصة بعناوينها الأولية، كذلك يكون متكفلا لبيان أحوال العناوين العامة التي تنطبق على كثير من العناوين الخاصة، كعنوان النذر، والشرط، وإطاعة الوالد، وما شاكل.
وأجاب عنه المحقق العراقي على ما نسب إليه، بان وجوب المقدمة ليس حكما وحدانيا ناشئا عن ملاك واحد، بل هو واحد عنوانا ومتعدد بتعدد ملاكات الواجبات النفسية، والمسألة الفقهية ما تكون نتيجتها حكما فرعيا وحدانيا ناشئا من ملاك واحد سواء أكان متعلقه طبيعة شرعية كالصلاة والصوم، أم عنوانا يشاربه إلى مصاديقه التي هي متعلقات الاحكام كالموضوع في قاعدة ما يضمن وأمثالها.
وفيه: انه لا دليل على ما أفيد بل الملاكات خارجة عن باب جعل الاحكام ولا كاشف عن وحدتها أو تعددها: والميزان في هذا الباب ملاحظة المجعول، وفيه لا فرق بين قاعدة ما يضمن ومسألة وجوب المقدمة.
والحق في الجواب ان البحث في هذه المسألة ليس عن وجوب المقدمة ابتداءا، بل البحث فيها انما هو عن ثبوت الملازمة بين الامر بشئ والامر بمقدمته وعدم ثبوتها،