المقام الثاني: في وجه دلالتها على الوجوب، وملخص القول فيه، ان الكلام في ذلك هو الكلام في دلالة صيغة الامر على الوجوب، من حيث الأقوال، والمختار، والأدلة، الا ان في المقام وجها آخر للدلالة على الوجوب ذكره المحقق الخراساني، وحاصله ان الاخبار بالوقوع في مقام الطلب كاشف عن كون المتعلق مطلوبا بنحو لا يرضى المولى الا بوقوعه وتحققه، ولكن يمكن ان يورد عليه، بعدم انحصار النكتة المصححة لاستعمال الجملة الخبرية في مقام الطلب في ذلك، بل نفس كون المتعلق موردا للشوق ومطلوبا للمولى، يصلح لذلك لكونه محركا لوقوعه في الخارج، فالحق انها كصيغة الامر في ذلك بلا تفاوت بينهما.
التعبدي والتوصلي المبحث الرابع: في الواجب التعبدي والتوصلي وقبل بيانهما تقدم مقدمات.
الأولى ان الواجب التوصلي يطلق على معنيين.
الأول ما لا يعتبر فيه قصد القربة كدفن الميت وكفنه ورد السلام وما شاكل، وفي مقابله الوظيفة الشرعية التي شرعت لأجل التعبد والتقرب بها.
الثاني مالا يعتبر فيه المباشرة، أو الاختيار، أو الاتيان به في ضمن فرد سائغ فلو تحقق من دون التوصلي مرة يطلق ويراد منه مالا يعتبر فيه المباشرة من المكلف، وأخرى يطلق ويراد منه، مالا يعتبر فيه الالتفات والاختيار، وثالثة يطلق ويراد منه مالا يعتبر فيه ان يكون في ضمن فرد غير محرم، ويقابل الأول ما يعتبر فيه المباشرة، والثاني ما يعتبر فيه الاختيار، والثالث ما يعتبر ان يكون في ضمن فرد سائغ.
والنسبة بين التعبدي بالمعنى الأول وهو ما يعتبر فيه قصد القربة، والقسم الأول من التعبدي بالمعنى الثاني عموم من وجه إذ جملة من الواجبات التعبدية بالمعنى الأول توصلي بالمعنى الثاني، منها: الزكاة فإنها واجبة تعبدية يعتبر قصد القربة، وتسقط عن