وفي القسم الأول يعتبر كون القيد اختياريا، وفي الثاني لا يعتبر ذلك، فان التقيد المعتبر اختياري على فرض وجود القيد غير الاختياري.
واما الثاني: فيدفعه ان القيد الذي يفرض وجوده في التكليف وان كان التكليف مشروطا به، الا انه ان كان دخيلا في اتصاف الفعل بالمصلحة تكون دخالته فيه بنحو الشرط المقارن، وان كان دخيلا في استيفاء المصحلة، تكون دخالته بنحو الشرط المتأخر، فيكون الوجوب فعليا.
وبما ذكرناه ظهر عدم تمامية الوجه الخامس، وهو ما ذكره المحقق النائيني (ره) و حاصله، انه لو كان الواجب المعلق معقولا، فإنما هو في القضايا الخارجية، واما في القضايا الحقيقية، فلا يمكن تصويره بوجه، إذ فعلية الحكم فيها تتوقف على فعلية كل ما اخذ مفروض الوجود في الخطاب، وعليه: فكل ما فرض وجوده في الخطاب لا محالة يتأخر التكليف عنه رتبة، ويتوقف فعليته على فعليته وكل ما لم يكن كذلك وكان مأخوذا في الواجب، فلابد وأن يكون الوجوب بالإضافة إليه مطلقا، ويكون المكلف مأمورا بايجاده، فامر التكليف دائر بين الاطلاق والاشتراط لا محالة، ولا ثالث لهما.
وجه عدم تماميته ما عرفت من أن القيد غير الاختياري الذي اخذ مفروض الوجود يتصور على نحوين، إذ تارة يكون دخيلا في اتصاف الفعل بالمصلحة، وحينئذ لا مناص عن الالتزام بتأخر الحكم عنه وأخرى لا يكون دخيلا فيه وانما اخذ مفروض الوجود لكونه غير اختياري، ويكون الملاك تاما قبل وجوده فيمكن فعلية الحكم قبل تحققه لكونه من قبيل الشرط المتأخر.
السادس: ما افاده المحقق الأصفهاني (ره)، وحاصله: ان البعث انما يكون مقدمة لحصول فعل الغير امكانا إذا ترتب عليه الانبعاث وخرج عن حد الامكان إلى الوجوب يتمكن المكلف له وانقياده، فإذا كان الواجب مقيدا بأمر غير اختياري متأخر فلا يعقل الانبعاث فكذلك البعث، وبعبارة أخرى البعث والانبعاث متلازمان في الامكان، فإذا لم يكن الثاني معقولا لم يكن الأول معقولا، وان شئت قلت: ان ايجاب المولى انما يكون جعل ما يمكن ان يكون داعيا فإذا فرض عدم امكان داعويته قبل تحقق القيد لعدم القدرة