وربما يورد على صاحب المعالم (ره) بوجه آخر، وهو ان كثرة الاستعمال الموجبة لكون المجاز مجازا مشهورا، انما تكون في الاعلام الشخصية وأسماء الأجناس، لا في مثل الهيئات التي تختلف باختلاف المواد المتهيئة بها التي ينتزع منها على اختلافها جامع يعبر عنه بصيغة افعل مثلا واستعمال هيئات خاصة في الندب لا يوجب النس الذهن بالنسبة إلى غر تلك الهيئات.
وفيه: انه قد مر في أوائل الكتاب ان الهيئات موضوعة بالوضع النوعي فلكل هيئة وضع واحد في ضمن أي مادة تحققت فهي تستعمل دائما في الجامع.
فالمتحصل ان ما افاده صاحب المعالم متين.
وفي المقام نزاع آخ وهو انه على فرض عدم كونها حقيقة في الوجوب، هل لا تكون ظاهرة فيه أيضا.
أقول بناءا على ما اخترناه من خروج الوجوب والاستحباب عن حريم الموضوع له والمستعمل فيه، لا يبقى مورد لعقد هذا البحث، كما هو واضح.
واما على القول الاخر، فقد استدل لظهورها في الوجوب، بوجوده:
الأول: غلبة استعمالها في الوجوب.
الثاني: غلبة وجوده، والجواب عنهما ما ذكرناه انتصارا لصاحب المعالم (ره) من أن استعمالها في الندب أكثر من استعمالها في الوجوب لغلبة وجوده فراجع.
الثالث: ما ذكره صاحب الحاشية، وهو أكملية الوجوب وهي توجب ظهور اللفظ فيه وانصرافه إليه، وهو بظاهره بين الفساد، ويرد عليه ما افاده المحقق الخراساني من أن الأكملية غير موجبة للظهور إذا ظهور لا يكاد الا لشدة انس اللفظ بالمعنى بحيث يصير وجها له ومجرد الأكملية لا يوجبه. ولكن الظاهر ولا أقل من المحتمل انه أراد بذلك ما اختاره المحقق الخراساني كما ستعرف.
الرابع: ما افاده المحقق الخراساني انه لو كان الامر بصدد البيان فقضية مقدمات الحكمة هو الحمل على الوجوب، فان الندب كأنه يحتاج إلى مؤنة بيان التحديد والتقييد بعدم المنع من الترك بخلاف الوجوب فإنه لا تحديد فيه.