وأورد الاسناد الأعظم على المقدمة التي عليها بناء هذا الوجه بان لزوم اخذ قيد في مقام الانشاء مفروض الوجود الذي لازمه كونه شرطا لفعلية الحكم، اما ان يكون من جهة الظهور العرفي كما في قوله تعالى " أوفوا بالعقود " 1، واما من جهة استلزام عدم اخذه كذلك التكليف بما لا يطاق، كما إذا امر المولى بايقاع الصلاة في الوقت، واما في غير ذل فلا ملزم لاخذه مفروض الوجود، وفي المقام بما ان القيد نفس الامر المتحقق في ظرف الانشاء لا ملزم لاخذه مفروض الوجود من ظهور عرف أو غيره.
وفيه: ان دعوى الظهور العرفي لو تمت في مثل أوفوا بالعقود، لتمت في جميع القيود الدخيلة في الحكم التي لم يؤمر بها - من غير الجهة التي سنذكرها -.
والتحقيق الذي يقتضيه النظر الدقيق، يقتضى ان يقال ان القيود الدخيلة على قسمين: الأول: ما يكون دخيلا في اتصاف الفعل بالمصلحة، كالوقت بالإضافة إلى الصلاة، و العقد بالنسبة إلى الوفاء، والمرض بالإضافة إلى شرب المسهل. الثاني: ما يكون دخيلا في حصول المصلحة، وفي العرفيات كعدم اكل المريض الخبز قبل شرب المسهل، وفي القسم الأول لا مناص عن اخذا لقيد مفروض الوجود سواء كان ذلك القيد اختياريا، أم كان غير اختياري. وفي القسم الثاني، ان كان القيد اختياريا لابد للمولى من الامر به، وان كان غير اختياري فليس للمولى الامر به وحينئذ، ان لزم من التكليف بذلك الفعل بنحو الاطلاق التكليف بما لا يطاق كامر المستطيع بالحج، قبل مجيئ الأيام الخاصة فلابد للمولى من اخذه مفروض الوجود، لئلا يلزم المحذور المذكور، والا فلا ملزم لذلك، ولذا لا يلزم اخذ وجود الكعبة مفروض الوجود، بالنسبة إلى الاستقبال الواجب في الصلاة.
والمقام من هذا القبيل أي من قبيل القسم الأخير: إذ الامر من القيود الدخيلة في حصول المصلحة، لا في اتصاف الفعل بها لكونه معلولا لها، فلا يعقل كونه دخيلا في الاتصاف، وهو ان كان غير اختياري الا انه لفرض تحققه في ظرف الانشاء لا يلزم من