تركه يصير هذا الامر صغرى لكبري عقيلة، وهي قبح مخالفة المولى، فامر المولى بضميمة تلك الكبرى يحرك العبد نحو الفعل، فاحد الغرضين مترتب على الاخر، ويكون أحدهما مترتبا على الواجب، وهو الغرض الأول، والآخر مترتبا على الوجوب وهو الثاني، والغرض المترتب على الامر والوجوب يترتب على نفس الامر في جميع الموارد بلا توقف على شئ آخر سوى الوصول إلى العبد، وبعبارة أخرى يترتب الغرض عليه في ظرف وصول التكليف إلى العبد، واما الغرض المترتب على الواجب، أي المصلحة فتارة يترتب على مطلق وجوده، وأخرى يترتب عليه إذا اتى به بقصد القربة، ففي المورد الأول يكون الواجب توصليا، وفي المورد الثاني يكون تعبديا.
ويترتب على هذا مضافا إلى عدم تمامية ما ذكره المحقق الخراساني ان الاطلاق الذي هو محل الكلام من أنه يقتضى التعبدية أو التوصلية هو اطلاق المادة لا اطلاق الصيغة، ويكون جعل هذا المبحث من مباحث الصيغة في غير محله.
وثانيا: مع الاغماض عن هذه المسامحة الواضحة، جعل التعبدي خصوص ما لا يحصل الغرض المترتب عليه الا مع اتيانه بقصد القربة، غير صحيح: إذ من المطلوبات التعبدية العبادات الذاتية وهي ما تكون بنفس ذاتها مع قطع النظر عن انطباق عنوان إطاعة المولى عليها التي هو السبب لصيرورة غيرها عبادة، يصدق عليها عنوان التخضع والتذلل واظهار العبودية كالسجود وغيره من الافعال التي بنى العقلاء قاطبة على الاتيان بها في مقام اظهار العبودية والتخضع، ولا يعتبر في اتصاف هذه الأفعال بالعبادية: الاتيان بها بقصد القربة، بل تتصف بها لو أتى بها، بقصد عناوين أنفسها، كعنوان السجود، مع قصد كونها تعظيما لشخص خاص، ما لم ينه عنها الشارع، فان سئل ان ما هو عبادة كذلك كيف يعقل النهى عنه، أجبنا عنه: بأنه ربما يكون المكلف معه من الأرجاس، ما يوجب عدم قابليته لان يعبد ربه، ولهذا يصح النهى عنه.
فالمتحصل مما ذكرناه ان الأولى ففي مقام الفرق بينهما، ان يقال ان التعبدي هو ما لا يحصل الغرض المترتب على الفعل الا مع الاتيان به بنحو ينطبق عليه عنوان التخضع، والتذلل، واظهار العبودية والتوصلي غيره.