والمنع من الترك وعدمه من لوازم شدة الطلب وضعفه لا انهما مقومان لحقيقة الوجوب والندب.
3 - ما اختاره جماعة منهم المحقق النائيني، والأستاذ، من أن الوجوب والاستحباب ليسا من كيفية المستعمل فيه وهما خارجان عن حريم الموضوع له والمستعمل فيه، بل المستعمل فيه كالموضوع له واحد فيهما حقيقة في كلا الموردين، والاختلاف بينهما انما هو من ناحية حكم العقل بلزوم العلم وعدمه، فالوجوب والاستحباب امر ان انتزاعيان ينتزعان من ترخيص المولى في ترك المأمور به وعدمه، ولعله إلى ذلك نظر المحقق القمي حيث جعل الوجوب من اللوازم صدور الصيغة من المولى، الا انه أرجعه بالآخرة إلى المدلول اللفظي.
اما القول الأول: فيرده انه لا يخطر المعنى المركب عند استعمال الصيغة في الوجوب أو الاستحباب، وبعبارة أخرى ان الصيغة انما تحكى عن الإرادة والشوق، ولا تحكى عن المنع من الترك أو الاذن فيه كما يظهر ذلك بعد المراجعة إلى المرتكزات العرفية والمتفاهم العرفي عند الامر بشئ.
واما القول الثاني: الذي اختاره المتأخرون، فاورد عليه المحقق النائيني بان ما يستعمل فيه الصيغة في جميع الموارد هي النسبة الانشائية، وهي لا شدة فيها ولا ضعف، وما الإرادة فيه وان كانت قابلة للشدة والضعف في حد نفسها، الا انها ما لم تشتد لا تكون إرادة سواء أكان المراد فعلا من الافعال الضرورية أم غيرها، واما الطلب الذي هو عين الاختيار فهو أيضا في جميع الأفعال على حد سواء.
وفيه، أولا: ما عرفت من أن ما يستعمل فيه الصيغة ليس هو النسبة الايقاعية بل ابراز الشوق بالمادة، ثانيا: انه لو سلم عدم ثبوت المراتب في الإرادة التكوينية بكلا معنييها، لا نسلم ذلك في الإرادة التشريعية إلى الشوق المتعلق بفعل العبد: إذ لا ريب في أن له مراتب من جهة اختلاف المصالح الموجبة لتعلق الشوق بالفعل المأمور به، ودعوى:
ان الإرادة التشريعية، والإرادة التكوينية توأمتان، مندفعة: بان ذلك غير تام كما مر.
فالصحيح في الايراد عليه، ان يقال ان مراتب الشوق مختلفة في الواجبات أيضا،