ويكون الشوق المتعلق ببعضها آكد من الشوق المتعلق بالآخر، بل يمكن ان يدعى القطع بان الشوق والميل المتعلق ببعض المستحبات كزيارة أبى عبد الله (ع) آكد بمراتب من الشوق المتعلق ببعض الواجبات، وعليه فلا يمكن ان يكون الوجوب و الاستحباب، مرتبتين من الطلب، فان قيل إنه يمكن ان يقال، ان الطلب الوجوبي، هو ما نشأ عن المصلحة اللزومية، والاستحبابي ما كان عن المصلحة غير اللزومية، أجبنا عنه، بان الوجوب والاستحباب، متحققان حتى مع عدم وجود المصحلة فكيف يصح جعل المصلحة ملاكا للوجوب والاستحباب، مع أنه لا يمكن ان يكون المصلحة دخيلة في الموضوع له: لأنها من دواعي الامر ومقدمه عليه، فكيف اخذها في المستعمل فيه، وهل هذا الا تأخر ما هو متقدم فتأمل.
فالأظهر ان المستعمل فيه في الموردين واحد حقيقة، والاختلاف بينهما انما يكون من ناحية حكم العقل بلزوم الامتثال وعدمه، توضيح ذلك، انه إذا امر المولى عبده بشئ، فان رخص في مخالفته فلا سبيل للعقل إلى الحكم بلزوم اتيان المأمور به، وان لم يرخص في الترك، فالعقل من باب لزوم دفع الضرر المحتمل يحكم بلزوم الاتيان بالمأمور به، بمعنى ان العقل يدرك استحقاق العقاب على مخالفته، وبعبارة أخرى، انه لو عاقبه المولى على ترك ما امر به، لا يعد المولى مذموما بل العقلاء يرون ان له ذلك، وان العبد مستحق له، جريان على قانون المولوية والعبودية، وهذا الحكم من العقل ثابت حتى مع علم العبد بعدم المصلحة في المأمور به، وبذلك يظهر أمور.
1 - ان ما عن المحقق النائيني (ره)، من الاختلاف انما هو من حيث المبادئ، حيث إن ايقاع المادة على المخاطب، تارة ينشأ عن مصلحة لزومية، وأخرى عن مصلحة غير لزومية، غير تام.
(2) ان ما عبر به في كلمات القوم، من أن الامر حقيقة في الوجوب، مسامحة في التغيير: فان الوجوب انما يحكم به العقل لو امر المولى بشئ ولم يرخص في تركه، بل لو لم يصل الترخيص إلى العبد، ولذا يحكم بالوجوب مع عدم وصول الترخيص وان احتمل وجوده.