إذا كان هو نفسه غير جازم بسلامة مصدره كقول أبي بكر السابق:
(أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان). وكذلك قول ابن مسعود المتقدم، إذ لو كانا عالمين بسلامة مصدرهما وصحته لقيام الدليل القطعي على حجيته لديهما، لما صح نسبة استنادهما عليه حتى مع الخطأ إلى الشيطان، وأصرح من ذلك ما ذكره عمر في هذا المجال حيث قال: (اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني وإني لأرد أمر رسول الله برأيي أجتهد ولا آلو وذلك يوم أبي جندل والكتاب يكتب، فقال رسول الله: اكتبوا باسم الله الرحمن الرحيم، فقال: تكتب باسمك اللهم، فرضي رسول الله وأبيت، فقال: يا عمر تراني قد رضيت وتأبى (1)).
على أن منشأ السكوت قد يكون هو المجاملة أو الخوف أو الجهل بالمصدر، فدفع هذه المحتملات وتعيين الايمان بالمصدر وهو حجية الرأي من بينها، لا يتم إلا بضرب من القياس المستند إلى السبر والتقسيم أو غيره من مسالك العلة، وهو موضع الخلاف، ولا يمكن إثباته بالاجماع للزوم الدور بنفس ما مر من التقريب في نظائره من الأدلة السابقة.
2 - ان هذا الاجماع معارض - لو تم - بإجماع مماثل على الخلاف ادعاه بعضهم (2)، ويمكن تقريبه بمثل ما قربوا به ذلك الاجماع من أن الصحابة أنكروا على العاملين بالرأي والقياس أمثال قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه (3). وفي رواية أخرى (لو كان الدين بالقياس لكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره (4)). وقول ابن مسعود: (إذا قلتم في