صدورا تلقائيا - كما هو الشأن في الظواهر الاجتماعية - لا ينافي ان يلتقي أحيانا الرجاء أو الاحتياط أو الظن بالبقاء أو الاطمئنان أو غيرها، لكن هذه الأمور ليست هي الباعثة على خلق هذه الظاهرة ككل، وإنما هي من وسائل التبرير عن السلوك على وفقها في بعض الأحيان، مما يخيل للانسان الفرد ان جملة تصرفاته منطقية ومبررة.
وإذا صح ما ذكرناه من كونها من الظواهر الاجتماعية العامة، فعصر النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان بدعا من العصور ولا مجتمعه بدعا من المجتمعات ليبتعد عن تمثل وشيوع هذه الظاهرة، فهي بمرأى من النبي (صلى الله عليه وآله) - حتما - ولو ردع عنها لكان ذلك موضع حديث المحدثين، وهو ما لم يحدث عنه التأريخ، فعدم ردع النبي (صلى الله عليه وآله) عنها يدل على رضاه وإقراره لها وبخاصة وهو قادر على الردع عن مثلها وليس هناك ما يمنعه عنه.
ودعوى الردع عنها بالآيات الناهية عن العمل بالظن يرد عليها ما سبق ان أوردناه في مبحث السنة عندما تحدثنا عنها وحسابها نفس الحساب.
2 - وجوب العمل بالظن:
وهو ما استدل به البعض بدعوى أنه (من المقرر ان العمل بالظن واجب، ويغلب الظن ببقاء الشئ على ما كان ما دام لم يوجد ولم يطرأ ما يغيره ويزيله (1)).
والمناقشة في هذا الدليل واقعة - صغرى، وكبرى -.
أما الصغرى فلأن الظن لا يتحقق دائما ببقاء الشئ لمجرد عدم طرو ما يغيره، فالشخص الذي يترك بلده ثمانين حولا لا يظن ببقائه حيا عادة لا بالظن الشخصي ولا النوعي مع أنه لم يعلم بوجود ما يوجب انعدام حياته وما * (هامش)) (1) سلم الوصول، ص 308. (*)