ولكن هذا الدليل أضيق من المدعى لعدم اقتضائه اثبات الحجية لمطلق الاخبار بل لخصوص ما أثبت منها الأجزاء والشرائط للتكاليف المعلومة.
أما الاخبار النافية التي ورد على خلافها عموم مثبت للتكليف أو اطلاق أو أصل عملي فلا تتعرض لها باثبات، ومقتضاه عدم الحجية فيها، والتحقيق ان العقل لا يلزم باخبار الآحاد، وحسبنا في ذلك ما مر من الأدلة السمعية (فما ذهبت إليه الجماهير من سلف الأمة من الصحابة والتابعين والفقهاء والمتكلمين، إنه لا يستحيل التعبد بخبر الواحد عقلا، ولا يجب التعبد به عقلا، وإن التعبد واقع به سمعا (1) هو الحق في المسألة، وهو الذي اختاره جل علماء الشيعة كما يظهر مما أوردوه في كتبهم المطولة.
أدلة المانعين:
أما المانعون فقد استدلوا على المنع بالأدلة السمعية، كالآيات الناهية عن العمل بالظن أو بغير العلم، باعتبار أن أخبار الآحاد لا تفيد علما بمدلولها.
والجواب على ذلك أن هذه الآيات مخصصة بما دل على جواز العمل باخبار الآحاد لأنها أخص منها إن لم تكن هذه الأدلة حاكمة عليها.
وقد اعتبروا هذه الآيات أيضا رادعة عن بناء العقلاء بعد التغافل عن تخصيصها بما دل على الجواز.
وأجيب عن ذلك أيضا بحكومة بناء العقلاء عليها لاعتبار العقلاء هذا النوع من أخبار الآحاد علما من حيث ترتيب جميع آثار العلم عليه، ومع اعتباره علما، فهو خارج عن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم