مفسده وأصحابها معذورون، واما أن لا يكونوا على حجة، وهؤلاء لا حساب لنا معهم لتمردهم على أصل الشريعة في عدم الركون في تصرفاتهم على أساس، وكونهم يستغلون الرخص لتبرير أعمالهم أمام الرأي العام فإنما هو من قبيل الخداع والتمويه، ولو لم تكن هناك رخص لارتكبوا هذه الاعمال والتمسوا لها مبررات غير هذه.
وكون الاختلاف مانعا من دخول أهل الذمة إلى الاسلام هو الآخر لا يخلو من غرابة، فان هؤلاء ان كانوا على درجة من الثقافة عرفوا ان هذا المقدار من الاختلاف مبرر في جميع الشرائع، بل هو مما تقتضيه الطبيعة البشرية لاستحالة اتفاق الناس في فهم جميع ما يتصل بشؤون شرائعهم، بل جميع ما يتصل بشؤونهم الحياتية وغيرها، ومتى منع الاختلاف أحدا من الدخول في الاسلام؟!
وهناك أدلة أخرى له لا تستحق ان تعرض ويطال فيها الحديث وأجوبتها تعرف مما سبق ان عرضناه في مبحث القياس.
فغلوا الطوفي في استعمال المصالح المرسلة وتقديمها على النصوص والاجماع لا يستقيم أمره بحال.
نفاة الاستصلاح وأدلتهم:
أما نفاة الاستصلاح وفي مقدمتهم الشافعي فأهم ما استدلوا به:
1 - ايمانهم بكمال الشريعة واستيفائها لحاجات الناس (ولو كانت مصالح الناس تحتاج إلى أكثر مما شرعه ومما أرشد إلى الاهتداء به لبينه ولم يتركه لأنه سبحانه قال على سبيل الاستنكار: (أيحسب الانسان ان يترك سدى (1)).