اما لتعارض الأدلة أو لعدم وجود دليل يعمل بالقرعة (1)) لا أساس له على جميع مباني مجتهدي الشيعة، لان المرجع في الجميع منها هو البراءة أو الاحتياط على اختلاف في وجهة النظر في ذلك وهي أما الورود أو التخصيص.
نعم، لا شبهة في أخذهم - شيعة وسنة - بالقرعة في خصوص الموارد المنصوصة والتقيد بنصوصها وهي لا تتجاوز مسائل معينة، كمسألة اشتباه الغنم الموطوءة في قطيع وأمثالها مما وردت في الباب الذي عقده البخاري لها في صحيحه وغيره من كتب الحديث.
وقد كنا نحب للأستاذ أبي زهرة ان يذكر لنا موردا واحدا من غير الموارد المنصوصة التي أثارت استغرابه في اعتبار الشيعة القرعة مصدرا من مصادرهم عن تعارض الأدلة، ولم يرجعوا فيها إلى الأصل العملي أو الوظيفة ليبرر لنفسه ذلك الاستغراب.
خلاصة البحث:
وخلاصة ما انتهينا إليه من بحث ان القرعة ليست موضعا لشبهة في أصل مشروعيتها، إلا أن العمل بها إنما يقتصر على خصوص مواردها المنصوصة، وليس عندنا من الأدلة ما يرفعها إلى مصاف ما عرضناه من مصادر التشريع سواء ما كان مجعولا لاكتشاف الحكم الشرعي أم الوظيفة على اختلافها، وبخاصة بعد أن كانت أدلتها العامة فاقدة الاعتبار لوهنها بكثرة التخصيص.