منهج الدراسة:
فأظنه يتضح إذا تذكرنا الأسس التي ركزنا عليها في التمهيد الثاني في دراسة أصول الاحتجاج.
وبناء على هذا فان مهمتنا تنصب في الدرجة الأولى - بعد استقراء الأصول - على تتبع أدلتها عند جميع الأطراف والتماس كيفية دلالتها عندهم، ثم محاولة تقييم هذه الأدلة وإقرار ما نراه ملزما بالحجية ومناقشة ما لا نتفق عليه معهم، ثم عرض وجهة نظرنا فيه.
وكل مناقشة لا تعود بالدليل إلى احدى تلكم الأوليات أو القضايا المسلمة لدى الطرفين، لا تكون ملزمة لذلك الطرف المناقش ويبقى رأيه حجة عليه، والمسألة تتحول إذ ذاك إلى مسألة مبنائية كما هو الشأن في عوالم الاستظهار ودعوى التبادر وهي غاية ما تلزم مدعيها، ومن قامت لديه كما أن دعوى القطع - وهو أساس الحجج - لا يكون ملزما لغير من قام عنده ما لم يستند إلى إحدى تلكم الأوليات والمسلمات، فيكون حجة على الغير لاستحالة تخلفه عنها بعد تنبهه له، وبهذا يصح الاحتجاج والتقييم.
وخلاصة ما انتهينا إليه من ذلك كله:
اننا بعد استقرائنا لمختلف الكتب الفقهية والأصولية لدى أئمة ومجتهدي المذاهب - فيما وقع منها بأيدينا - رأينا ان الذي ينتظم منها في كتابنا هذا - بحكم تحديدنا لمفهوم أصول الفقه - هو هذه الأصول التي سبق عرضها لا غير، لذلك ركزنا عليها الحديث دون غيرها، وعند التماس هيكل الكتاب، رأينا ان نخرج على الطريقة التقليدية فنبوبه على أساس ما لبعض هذه الأبواب من تقدم رتبي على بعضها الآخر، وخلص لنا من ذلك أن