ملكة الاجتهاد ومنشؤها:
وقد تبين لنا مما تقدم ان ملكة الاجتهاد إنما تنشأ من الإحاطة بكل ما يرتكز عليه قياس الاستنباط سواء ما وقع منه موقع الصغرى لقياس الاستنباط، كالوسائل التي يتوقف عليها تحقيق النص وفهمه أو كبراه، كمباحث الحجج والأصول العملية.
وسالك طريق الاجتهاد لا يمكن ان يبلغ مرتبته حتى يمر بها جميعا ليكون على حجة فيما لو أقدم على إعمال هذه الملكة.
فالذي يعرف - مثلا - وسائل تحقيق النص وفهمه دون ان يجتهد في معرفة بقية الحجج والأصول على نحو، يكون لنفسه فيها رأيا لا يتداخله الوهم أو الشك لا يسوغ له ادعاء الاجتهاد ولا استنباط حكم واحد لعدم المؤمن له من قيام حجة يجهلها من الحجج الأخرى على خلاف ما استفاده من النص، وقد تكون سمة هذه الحجة المجهولة لديه، سمة الحاكم أو الوارد على ذلك النص.
وإذا صح هذا عدنا إلى ما ذكروه حول إمكان تجزئ الاجتهاد وعدمه، والضوابط التي جعلوها لكل منهما - أعني المجتهد المطلق والمتجزئ -.
الاجتهاد المطلق:
وأرادوا به (ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من امارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في الموارد التي يظفر فيها بها (1)).