لتوفرها على بحث هذه المواضيع.
1 - الشبهة البدوية قبل الفحص:
ووجوب الاحتياط في الشبهات البدوية قبل الفحص، سبق أن ذكرنا أدلته في مبحث (الاستصحاب)، ولعل أهمها العلم الاجمالي المنجز بوجود تكاليف إلزامية، وبهذا المعنى فإنها تكون من صغريات مسألة العلم الاجمالي القادمة والحديث فيه يأتي.
أما إذا فرض أن هذا الدليل غير تام، واخذنا بالأدلة الباقية، فإن قاعدة شغل الذمة اليقيني لا تكون دليلا على وجوب الاحتياط فيها، لبداهة عدم اليقين فيها إذ ذاك بالشغل لتكون نتيجة للقاعدة المذكورة، ولا بد من الاستدلال عليها بأدلة أخرى أهمها القاعدة السابقة وجوب دفع الضرر المحتمل لا لاكتشاف الجعل الشرعي له من هذه الطريق لانحصار الاكتشاف باحتمال الاضرار الدنيوية البالغة منها، والشبهات البدوية ليست مختصة بهذه الاحتمالات دائما، بل لعدم وجود المؤمن، وذلك لعدم جريان البراءة الشرعية فيها لقصور أدلتها عن شمولها لكونها مقيدة عرفا بما بعد الفحص، كما سبق تقريبه، ولان البيان الواصل المأخوذ في موضوع البراءة العقلية - أعني قاعدة قبح العقاب بلا بيان واصل - لا يراد به فعلية الوصول بداهة، بل يراد به معرضية الوصول لما مر شرحه من أن الشارع غير مسؤول عن إيصال التكاليف إلى كل واحد من المكلفين، وانما عليه أن يبلغ بالطرق المتعارفة وعليهم السعي إلى معرفتها.
فدليل الاحتياط العقلي فيها هو هذه القاعدة، إذ لا دافع هنا لاحتمال الضرر ليلجأ إليه.