الأول فهي مقطوعة البقاء، وإن كانت على النحو الثاني فهي مقطوعة الارتفاع، وكلما دار الامر بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع لا يمكن جريان الاستصحاب فيه لفقده ركنا من أركانه، إذ لا يقين سابق بأحدهما على الخصوص، ومع فرض وجوده فلا يوجد شك في أن المتيقن باق - إن كان واسعا - أو انه مرتفع - إن كان ضيقا - لفرض دورانه بين مقطوع البقاء أو الارتفاع.
فالركن المفقود اما اليقين أو الشك، ومع فقد أحدهما لا يجري الاستصحاب. وفي رأي بعض أساتذتنا ان المورد يقتضي استصحاب عدم الحجية لاحتمال (ان تكون حجية فتوى المجتهد مختصة بمن عاصره، وكان من وظيفته الرجوع إليه، وأما المكلف الموجود بعد موته فلا علم بحجية فتواه في حقه من الأول، فيجري استصحاب عدم جعل الحجية في حقه بلا معارض (1)).
ما يقتضيه الأصل المعين للوظيفة:
والرجوع إلى هذا الأصل، إنما يكون مع فقد الدليل الاجتهادي، أو الأصل الاحرازي، وهما مفقودان هنا، كما يدل عليه ما استعرضناه من أدلتهم وما ذكرناه في مناقشتهما.
والأصل يقتضي في هذا الموضع، اعتبار الحياة لبداهة دوران الامر فيه بين التعيين والتخيير في مقام الحجية، وذلك لعدم احتمالنا أية خصوصية للموت - بما هو موت - توجب تعيين الرجوع إلى الأموات ابتداء، ونحتمل أن تكون للحياة خصوصية مهما كانت بواعث الاحتمال، ومتى دار الامر بين التعيين والتخيير في الحجية، تعين الاخذ بما هو محتمل التعيين