دل على حجيتها ومنزلتها من الكتاب قوله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع:
(تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدهما أبدا: كتاب الله وسنة نبيه، واقراره لمعاذ بن جبل لما قال: أقضي بكتاب الله فإن لم أجد فبسنة رسوله (1)) يقول الأستاذ عمر عبد الله، وهو يعدد أدلته على حجة السنة: (ثانيا ان النبي (صلى الله عليه وآله) اعتبر السنة دليلا من الأدلة الشرعية ومصدرا من مصادر التشريع، كما دل على ذلك حديث معاذ بن جبل حينما بعثه الرسول إلى اليمن (2)).
وهذا النوع من الاستدلال لا يخلو من غرابة لوضوح لزوم الدور فيه، لان حجية هذه الأدلة موقوفة على كونها من السنة، وكون السنة حجة، فلو توقف ثبوت حجية السنة عليها لزم الدور.
4 - دليل العقل:
ويراد من دليل العقل هنا، خصوص ما دل على عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) وامتناع صدور الذنب والغفلة والخطأ والسهو منه، ليمكن القطع بكون ما يصدر عنه من أقوال وأفعال وتقريرات هي من قبيل التشريع، إذ مع العصمة لا بد أن تكون جملة تصرفاته القولية والفعلية وما يتصل بها من إقرار موافقة للشريعة وهو معنى حجيتها.
وهذا الدليل من امتن ما يمكن أن يذكر من الأدلة على حجية السنة وانكاره مساوق لانكار النبوة من وجهة عقلية، إذ مع إمكان صدور المعصية منه أو الخطأ في التبليغ أو السهو أو الغفلة لا يمكن الوثوق أو القطع بما يدعي تأديته عن الله عز وجل لاحتمال العصيان أو السهو أو الغفلة أو الخطأ منه، ولا مدفع لهذا الاحتمال.