ان ما لا يستقل العقل به من المدركات، لا موضع لخلاف فيه لدى علماء الاسلام لا من حيث قابلية الادراك العقلي، ولا من حيث حجية مدركاته.
وإذا كانت هناك خلافات فإنما هي في تشخيص صغريات القاعدة، كما يستفاد ذلك من عرضهم لمباحث غير المستقلات العقلية، وانتهائهم في الكثير منها إلى إثبات هذه اللوازم واعتبارها حجة من دون مناقشة في صلاحية العقل لهذا الادراك.
والخلاف بعد ذلك إنما هو في خصوص المستقلات العقلية، أو قل في خصوص مسألة التحسين والتقبيح العقليين، والظاهر أنها هي المصدر الوحيد لجل المدركات العقلية المستتبعة لادراك الأحكام الشرعية.
والأمثلة التي أوردوها (كوجوب قضاء الدين ورد الوديعة، والعدل والانصاف، وحسن الصدق النافع، وقبح الظلم وحرمته، والكذب مع عدم الضرورة، وحسن الاحسان واستحبابه (1)..)، انما هي من صغريات هذه القاعدة.
وبما أن الحديث في هذه القاعدة، صغرى وكبرى يشكل أهم ما يتصل بمبحث العقل كدليل، فلا بد من صرف الحديث إليها وتشخيص مواقع النزاع فيها، ثم البحث عن حجيتها وعدمها.
أقسام الحسن والقبح:
يطلق الحسن والقبح على معاني ثلاثة، اثنان منها موضع اتفاق الكلاميين والفلاسفة من المسلمين في إمكان إدراك العقل لها، وواحد منها موضع الخلاف.