ولكن موضع الشبهة ومواقع التأمل إنما هو في استنباط الحكم من هذا الدليل لا في أصله - فيما نعتقد - وإن بدا التشكيك على ألسنة الكثير في ثبوت الحجية له نفسه، والظاهر أن ذلك ناشئ إما من عدم تحديد مفهوم القياس، أو من الخلط بين الدليل وعملية الاستنباط منه.
وعملية الاستنباط هذه موقوفة على تمامية مقدمتين:
أولاهما: معرفة العلة التي أناط بها الشارع حكمه في الأصل.
وثانيهما: معرفة توفرها في الفرع بكل شرائطها وقيودها، وكلتا المقدمتين موقوفة على حجية الطرق والمسالك إليهما، ومع إثبات الحجية لها وثبوت العلة بها فلا بد من استنباط حكم الفرع وإثباته بها.
ومسالك العلة التي سبق عرضها، تنقسم إلى قسمين: قطعية، وغير قطعية، وغير القطعية تنقسم إلى قسمين: ما قام على اعتبارها دليل قطعي، وما لم يقم.
وعلى هذا فالأقسام المتصورة ثلاثة:
1 - المسالك المقطوعة.
2 - المسالك غير المقطوعة، ولكن قام عليها دليل قطعي.
3 - المسالك غير المقطوعة مع عدم قيام الدليل القطعي عليها.
ولكل منها حديث يقتضينا استيفاؤه بكل ما يتصل به نظرا لما يترتب عليه من ثمرات.
المسالك المقطوعة:
وحجيتها أوضح من أن يقام عليها دليل، لما سبق ان قلنا: من أن طريقية غير العلم لا بد وان تنتهي إلى العلم، وطريقية العلم ذاتية لا تقبل الرفع والوضع، وقلنا: إن الحجية من لوازمه العقلية القهرية التي