أصل الاجماع لا يكفر، والقول في التكفير والتبري ليس بالهين) ثم قال: (نعم من اعترف بالاجماع وأقر بصدق المجمعين في النقل ثم أنكر ما أجمعوا عليه، كان التكذيب آئلا إلى الشارع، ومن كذب الشارع كفر، والقول الضابط فيه أن من أنكر طريقا في ثبوت الشرع لم يكفر، ومن اعترف بكون الشئ من الشرع ثم جحده، كان منكرا للشرع وانكاره جزءا من الشرع كانكاره كله (1))، وهذا التفصيل من امام الحرمين في موضعه لوضوح ان انكار الطريق لا يستلزم انكار حكم شرعي ثبت بالضرورة بخلاف الاعتراف به وجحوده والتنكر له لانتهائه إلى انكار ما ثبت من الشريعة قطعا.
إمكان الاجماع وعدمه:
تحدثوا حول إمكان الاجماع وعدمه وأطالوا الحديث في ذلك، فقال قوم منهم النظام: ان ذلك مستحيل (2).
والظاهر أن وجه الاستحالة لديهم قياسهم هذا النوع من الاتفاق على امتناع (اتفاقهم في الساعة على المأكول الواحد والتكلم بالكلمة الواحدة (3)).
وهذا الوجه لا يصلح لاثبات الاستحالة لعدم توفرها - عقلا - في المقيس عليه، بالإضافة إلى الفارق الكبير بينهما، فالاكل وغيره مما هو وليد الحاجة الفعلية لتقوم الأجسام، أو وليد الرغبة العابرة لا بد ان يتفاوت زمانا ومكانا بحسب العادة تبعا لاختلاف تكون الحاجات أو الرغبات بخلاف قضايا الفكر أو القضايا المحسة، فإن التفاوت فيها ينعدم