رأي الأشاعرة، أدلة ونقاش:
من رأي الأشاعرة أنه (ليس للفعل نفسه حسن ولا قبح ذاتيان ولا لصفة توجبهما، وإنما حسنه ورود الشرع بالاذن لنا فيه على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، وقبحه وروده بحظر من الشارع لنا منه على سبيل التحريم أو الكراهة، وإذا ورد الشرع بإطلاق الفعل لنا أو منعنا منه، فقلنا: أن ما أذن لنا فيه الشارع فحسن وما منعنا عنه فقبيح، فإن هذا الوصف بالنسبة لأفعال المكلفين ليس منشؤه العقل وإنما منشؤه حكم الشارع، فمقياس الحسن والقبح عندهم هو الشرع لا العقل).
(فالصلاة والصوم وأمثالهما مما أمر الله به حسن، وليس حسنه إلا من جهة أمر الشارع به فقط، والزنا والسرقة والقتل عدوانا بغير حق، وأكل أموال الناس بالباطل، كل ذلك قبيح لنهي الشارع عنه فقط، فلو لم يكن أمر الشارع بما أمر، ونهي الشارع عما نهى، لما كان حسنا أو قبيحا (1)).
وهذا الرأي الذي تبناه الأشاعرة يشبه إلى حد بعيد مذهب بعض علماء الاخلاق في دعواهم بأن الخير والشر لا مقياس لهما غير القانون، فما منع منه القانون كان شرا محضا، وما أجازه أو ألزم به كان خيرا كذلك.
وقد استدل الأشاعرة على ذلك بعدة أدلة نذكر منها أهمها:
1 - قولهم: (لو كان الحسن والقبح عقليين، لاختلف الحكم على الأفعال من ناحية تحسينها وتقبيحها، إذ العقول متفاوتة في حكمها على الأفعال، فقد يعقل البعض حسنا فيما يقبحه الآخر والعكس، بل إن