للقطع بحجيته والشك في حجية الطرف الآخر، والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها، كما قلنا ذلك مرارا.
وعليه فإن تم ما عرضوه من أدلة اجتهادية على اعتبار الحياة - وهو ما لم نر أية ضرورة لتفصيل الحديث فيه - كان هو المتعين في مقام الاستناد، وإلا فالأصل العملي كاف في إثبات هذه الجهة.
تسجيل ملاحظة:
والشئ الذي أحببت أن أسجله - وإن لم تكن له مدخلية في عوالم الاستدلال على اعتبار الحياة - ما لاحظته من أن في تشريع جواز الرجوع إلى الأموات في التقليد ابتداء - إماتة للحركة الفكرية التشريعية وتجميدا للعقول المبدعة عن الانطلاق في آفاقها الرحبة.
وقد لاحظت هذا الواقع في كثير من علماء الاسلام من أهل السنة يوم سدوا على أنفسهم أبواب الاجتهاد وحصروا التقليد بخصوص أئمتهم، حيث ظلت الحركة الفكرية واقفة عند حدودها لديهم قبل قرون، وما الف بعد ذلك كان يفقد في غالبه عنصر الأصالة والابداع.
كما لاحظت ذلك عند الأخباريين، حين أجازوا لأنفسهم تقليد العلماء من الأموات ابتداء.
بينما نرى نمو الحركة العلمية وتطورها عند العلماء والأصوليين من الشيعة بما يتناسب ومستوى عصورهم.
ولعل السر في ذلك الجمود يعود إلى ما يضفيه القدم عادة من الغلو في تقديس البشر لكل ما هو عريق فيه، وإعطاء أصحابه قيمة لا يحلم بها الاحياء من الناس، مما يزهد الاحياء في إعمال أفكارهم في أشياء لا تعطي أية ثمرة عملية لمجتمعهم، ولا قيمة اجتماعية كبيرة لهم، وما قيمة علم لا ينتفع بثمره أحد من الناس حتى يتشجع أصحابه على الفناء فيه؟