الشك في طرو مخصص على العام، وأصالة عدم التقييد عند الشك في طرو المقيد على المطلق، وأصالة عدم القرينة عند الشك في إقامتها على خلاف الحقيقة وتجمعها أصالة الظهور، وهذه الأصول ونظائرها، انما تجري لدى أهل العرف - وهم منشأ حجيتها مع العلم باقرار الشارع لهم عليها، لما قلناه من عدم اختراعه طريقة للتفاهم خاصة به - عند الشك في تعيين المراد، ولا تجري فيما إذا علم المراد وشك في كيفية الإرادة، فأصالة عدم القرينة - مثلا - لا تجري فيما إذا علم باستعمال لفظة ما في أحد المعاني، وشك في كون الاستعمال كان على نحو الحقيقة أو المجاز لتثبت أنه على نحو الحقيقة باعتبار أن المجاز مما يحتاج إلى قرينة، وأصالة عدم القرينة تدفعها بل تجري إذا احتملنا إرادة أحد معنيين حقيقي ومجازي ولم نستطع تعيينه بالذات، فأصالة عدم القرينة تعين المعنى الحقيقي منهما.
دلالة الفعل:
وقد اختلفوا في مقدار ما يستفاد من أفعاله، فالذي عليه أبو اليسر هو التفصيل بين أن يكون الفعل معاملة، فالاباحة إجماعا، وبين أن يكون قربة فهو محل الخلاف، والذي نقل عن مالك: (الوجوب عليه وعلينا، وقال الكرخي: مباح في حقه لتيقنها بالفعل، وليس للأمة اتباعه إلا بدليل، وقال جمع من الحنفية: الإباحة في حقه، ولنا اتباعه إلا بدليل (1)).
(وهذان المذهبان، يعكران على نقل أبي اليسر الاجماع على الإباحة في المعاملات، فإنهما لم يفرقا بين قربة ومعاملة، وقال المحققون: إن الخلاف إنما هو بالنسبة إلى الأمة، فمن قائل بالوجوب، ومن قائل بالندب، ومن قائل بالإباحة، ومن قائل بالوقف (2)).