النبي (صلى الله عليه وآله) منزه عن التفريط برسالته، فلا بد أن نفترض جعل مرجع تحدد لديه السنة بكل خصائصها، وبهذا تتضح أهمية حديث الثقلين وقيمة إرجاع الأمة إلى أهل البيت فيه لاخذ الاحكام عنهم، كما تتضح أسرار تأكيده على الاقتداء بهم (1)، وجعلهم سفن النجاة تارة (2)، وأمانا للأمة أخرى (3)، وباب حطة ثالثة (4) وهكذا... وبخاصة إذا أدركنا مقام النبوة وما يقتضيه من تنزيه عن جميع المجالات العاطفية غير المنطقية، وإلا فما الذي يفرق أهل بيته عن غيرهم من الأمة ليضفي عليهم كل هذا التقديس، ويلزمها بهذه الأوامر المؤكدة بالرجوع إليهم، والاقتداء بهم، والتمسك بحبلهم؟
أما ما يتصل بعدم تعيينه المراد من أهل البيت، فهذا من أوجه ما أورده أبو زهرة من إشكالات على هذا الحديث.
وكون القضية لا تشخص موضوعها بديهية، لذلك نرى ان نتعرف على المراد من أهل البيت من خارج نطاق هذا الحديث.
من هم أهل البيت؟
وأول ما يلفت النظر سكوت الأمة عن استيضاح أمرهم من النبي (صلى الله عليه وآله) وبخاصة وقد سمعوه منه في نوب متفرقة وأماكن مختلفة، أما كان فيهم من يقول له: إنك عصمتنا من الضلالة بالرجوع إلى اهل بيتك، وجعلتهم قرناء القرآن، فمن هم اهل هذا البيت لنعتصم بهم؟ أترى ان عصمتهم من الضلالة من الأمور العادية التي لا تهم معرفتها والاستفسار عنها، أم ترى أنهم كانوا معروفين لديهم فما احتاجوا إلى استفسار وحديث؟
والذي يبدو ان الصحابة ما كانوا في حاجة إلى استفسار وهم يشاهدون