لما سبق من إثبات كاشفية العقل وإدراكه للمصالح والمفاسد المستلزم لادراك حكم الشارع بها.
ومع إمكان الادراك فليس هناك ما يمنع من وقوعه أحيانا، وعلى أي حال فالمسألة مبنائية.
3 - ما ذكره الآمدي في كتابه الاحكام من أن (المصالح على ما بينا، منقسمة إلى ما عهد من الشارع اعتبارها، والى ما عهد منه إلغاؤها، والمرسلة مترددة بين ذينك القسمين، وليس إلحاقها بأحدهما أولى من إلحاقها بالآخر، فامتنع الاحتجاج بالمرسل دون شاهد بالاعتبار يبين انه من قبيل المعتبر دون الملغى (1)).
وموضع الفجوة في هذا الاستدلال اعتبار المصلحة مترددة بين القسمين إذا أريد من ترددها ترددها بين ما دل على الاعتبار من النصوص، وما دل على الالغاء لافتراض القائلين بالاستصلاح ان النصوص غير متعرضة لها اعتبارا أو إلغاء، وإنما اكتشفوا اعتبارها من قبل الشارع بدليل العقل، في إذن معتبرة من الشارع ولكن من غير ما عهد منه، فهي قسم ثالث في عرض ذينك القسمين، وإن شئت ان تقول ان الاعتبار على قسمين:
معهود من الشرع بطريق النصوص، ومعهود منه بطريق العقل، وهذه من القسم الثاني وليست بأحد القسمين اللذين ذكرهما الآمدي ليقال:
(وليس إلحاقها بأحدهما أولى من إلحاقها بالآخر).
تلخيص وتعقيب:
وخلاصة ما انتهينا إليه ان تعاريف المصالح المرسلة مختلفة، فبعضها ينص على استفادة المصلحة من النصوص والقواعد العامة، كما هو مقتضى