ففي نهاية ابن الأثير (وحديث ابن مسعود أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه (1))، فمن هذا الحديث وتفسيرات الأصوليين والفقهاء لهما بما سبق، لا يتضح منشأ لتفسير العزيمة (بسقوط الامر بجميع مراتبه أو سقوط التكليف رأسا) وتفسير الرخصة (بسقوطه ببعض مراتبه، كما ورد ذلك في بعض التحديدات (2)، لوضوح أنه لا معنى للتعبير بأنه يجب ان تؤتى عزائمه) إذا كان معنى العزيمة سقوط الامر بجميع مراتبه لكون (الاتيان به استنادا إلى المولى تشريعا محرما (3)) كما يصرح بذلك المحدد نفسه، اللهم ان يتعدد فيها الاصطلاح باختلاف المصطلحين من الفقهاء، وتحديد العزيمة والرخصة بهذا المعنى يشبه إلى حد بعيد تقسيمهم للحكم إلى واقع أولي وواقع ثانوي مع اختلاف في بعض الخصوصيات.
1 - الحكم الواقعي الأولي:
ويراد به الحكم المجعول للشئ أولا وبالذات، أي بلا لحاظ ما يطرأ عليه من العوارض الاخر، كأكثر الأحكام الواقعية تكليفية ووضعية.
2 - الحكم الواقعي الثانوي:
وقد أريد به ما يجعل للشئ من الاحكام بلحاظ ما يطرأ عليه من عناوين خاصة تقتضي تغيير حكمه الأولي، فشرب الماء مثلا مباح بعنوانه الأولي، ولكنه بعنوان انقاذ الحياة يكون واجبا، والصناعات التي يتوقف عليها نظام الحياة واجبة على نحو الكفاية، ولكنها مع الانحصار بشخص أو