لاختلاف متعلقهما كما هو واضح.
2 - التخيير وقاعدة دفع المفسدة:
ويرد على القول الثاني - أعني - تقديم جانب الحرمة لقاعدة دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة.
أ - المناقشة في القاعدة كبرويا، لان العقلاء جميعا يقدمون على ما فيه المصلحة الكبيرة وإن تعرضوا لشئ من المفاسد الصغيرة، وربما أقدموا على ما فيه احتمال المصلحة الراجحة وإن ضحوا في سبيله بالكثير، فالتجار يسافرون من أجل احتمال الربح الاسفار البعيدة، وإن كلفتهم كثيرا من الجهد والمال، فالقول بأن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ليس صحيحا على إطلاقه.
فالقاعدة ليست قاعدة مسلمة إذن لدى العقلاء في جميع الموارد، كما لم يقم عليها دليل شرعي لنتعبد بها، فالمسألة لا تخرج اذن عن كونها من صغريات باب التزاحم، وقد مر البحث فيها مفصلا في مبحث الاستحسان.
ب - على أن مسألتنا هذه أجنبية عن القاعدة، لان القاعدة - لو تمت - فإنما هي في المفسدة والمصلحة المعلومتين.
أما المفسدة والمصلحة المشكوكتان فلا تجري بينهما هذه الموازنة.
وقد سبق ان قربنا - في مبحث الاحتياط الشرعي - أن المرجع في الشبهات التحريمية هو البراءة، فاحتمال المفسدة في شئ، حتى مع القطع بعدم وجود المصلحة، لا يقام له وزن في نظر الشارع لأدلة البراءة، فيكف إذا احتمل وجود المصلحة فيه؟
3 - التخيير والقول بالتخيير الشرعي:
وقد أوردوا على هذا التخيير بأنه إن أريد به التخيير في المسألة