اختلافا كبيرا، وعلى سبيل المثال نرى ان (الحنفية رأوا المناسب في تعليل التحريم في الأموال الربوية القدر مع اتحاد الجنس، والشافعية رأوه الطعم مع اتحاد الجنس، والمالكية رأوه القوت والادخار مع اتحاد الجنس (1).
ب - إثبات العلة بابداء مناسبتها للحكم كأن يقال - مثلا - ان هذا الوصف في الأصل هو الذي يناسب أن يكون مظنة لتحقيق الحكمة من هذا الحكم وعليه فيجب أن يكون هو العلة، وقد مضى منا الحديث في أقسام المناسب وتعيين ما يدخل منها في موضع النزاع من غيره فلا نعيده هنا.
هذا كله في المسالك التي اعتبرها الغزالي صحيحة، أما المسالك الفاسدة فقد حصرها في ثلاثة (2):
1 - أن يستدل على علة الأصل بسلامتها عن علة تعارضها وتقتضي نقيض حكمها بدعوى أن دليل صحتها هو انتفاء المفسد، وقد رد هذا الدليل بإمكان قبله فيقال عنه ان دليل فساده هو عدم الدليل على صحته، إذ لا يكفي للصحة انتفاء المفسد، بل لا بد من قيام الدليل على الصحة.
2 - ان يستدل على علية أحد الأوصاف باطراده مع الحكم، ولكن مجرد الاطراد لا يكفي لاثبات عليته له لاحتمال أن يكون الوصف من لوازمها غير المنفكة عنها، فقد يلزم الخمر - على سبيل المثال - لون أو طعم يقترن به التحريم، مع أن العلة مثلا هي الشدة.
3 - ان يستدل على العلية بالاطراد والانعكاس معا، وهذا كسابقه لا يدل على أكثر من الاقتران بالحكم وهو أعم من كونه علة له أو ملازما مساويا لها يدور معها وجودا وعدما، وزيادة العكس على الاطراد لا يدل على أكثر من هذا المعنى.