تكوينية وتشريعية، وهي وإن كانت من حيث استحالة تخلف المراد عنها واحدة - إلا أنها تختلف بالنسبة إلى المتعلق، فإن كان متعلقها خصوص الأمور الواقعية من أفعال المكلفين وغيرها سميت تكوينية، وان كان متعلقها الأمور المجعولة على أفعال المكلفين من قبل المشرع سميت إرادة تشريعية.
والإرادة هنا لا ترتبط بالإرادة التكوينية لان متعلقها الاحكام الواردة على أفعالهم فكأن الآية تقول: (إنما شرعنا لكم الاحكام يا أهل البيت لنذهب بها الرجس عنكم ولنطهركم بها تطهيرا).
ولكن تفسير الإرادة هنا بالإرادة التشريعية يتنافى مع نص الآية بالحصر المستفاد من كلمة (إنما) إذ لا خصوصية لأهل البيت في تشريع الاحكام لهم، وليست لهم أحكام مستقلة عن أحكام بقية المكلفين، والغاية من تشريعه للاحكام إذهاب الرجس عن الجميع، لا عن خصوص أهل البيت على أن حملها على الإرادة التشريعية يتنافى مع اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله) بأهل البيت وتطبيق الآية عليهم بالخصوص، كما يأتي ذلك فيما بعد.
2 - وقد يقال أيضا ان حملها على الإرادة التكوينية وإن دل على معنى العصمة فيهم لاستحالة تخلف المراد عن إرادته تعالى، إلا أن ذلك يجرنا إلى الالتزام بالجبر وسلبهم الإرادة فيما يصدر عنهم من أفعال ما دامت الإرادة التكوينية هي المتحكمة في جميع تصرفاتهم، ونتيجة ذلك حتما حرمانهم من الثواب لأنه وليد إرادة العبد، كما تقتضيه نظرية التحسين والتقبيح العقليين، وهذا ما لا يمكن ان يلتزم به مدعو الإمامة لأهل البيت.
والجواب على هذه الشبهة يجرنا إلى الحديث حول نظرية الجبر والاختيار عند الشيعة.