أدلتها من الكتاب:
1 - قوله تعالى (وان يونس لمن المرسلين، إذ ابق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المدحضين (1)).
بتقريب ان المساهمة في اللغة هي المقارعة بالقاء السهام، والمدحض هو المغلوب.
فإذا كان يونس وهو من المرسلين ممن يزاول القرعة، فلا بد ان تكون مشروعة إذ ذاك.
2 - قوله تعالى: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم إذ يختصمون (2)).
والآية واردة لحكاية الاقتراع على كفالة مريم، وقد ظفر بها زكريا، وهو من الأنبياء وممن شارك في الاقتراع.
والحديث حول تعميم الحجية في هاتين الآيتين - وهما حاكيتان عن وقائع صدرت في شرائع سابقة - يدعونا ان نتذكر ما قلناه في مبحث (شرع من قبلنا) من الخلاف في حجية الشرائع السابقة، فمن ذهب إلى نسخها جملة لا يصلح له الاستدلال بهما.
ومن ذهب إلى بقائها جملة إلا ما ثبت فيه النسخ، ساغ له الاستدلال بهما.
وعلى مذهب جمهور علماء الحنفية وهو الذي أكدناه سابقا واعتبرنا الأدلة ناهضة به يسوغ الاستدلال بهما أيضا لاثباتها في الجملة، لان نفس حكاية القرآن لهما يوجب العلم بوقوع مضمونهما وعدم تحريفه، وما صح من مضامين الشرائع السابقة حجة على رأيهم يجب الاخذ بها ما لم يثبت النسخ.
على أن أدلتها القادمة من السنة تدل على إقرار مضامين هاتين الآيتين في ثبوت أصل المشروعية لها.