الدليل إجماعهم السكوتي على ذلك بالتقريب الذي ذكروه بالقياس، والذي عرفت - فيما سبق - مناقشته.
أما إذا أريد الاستدلال بتصرفاتهم الفردية فهي لا تصلح للدليلية على أي حال لعدم الايمان بعصمتهم أولا، واجتهادهم لا يتجاوز في حجيته أنفسهم ومن يرجع إليهم بالتقليد.
وأما المناقشة في الكبرى فلعدم حجية مثل هذه السيرة أو الاجماع على أمثال هذه الأدلة، لان هذه التصرفات غير معللة على ألسنتهم، وما يدرينا أن الباعث على صدورها هو إدراك المصالح من قبلهم، والسيرة مجملة لا لسان لها لنتمسك به، وغاية ما يمكن ان تدل عليه هو حجية نفس ما قامت عليه من أفعال لو كانت مثل هذه السير من الحجج التي يركن إليها لا حجية مصادرها المتخيلة، على أن هذه التصرفات - كما سبقت الإشارة إليها - جار أكثرها على مخالفة النصوص لأمور اجتهادية لا نعرف اليوم عواملها وبواعثها الحقيقية، وفيما سبق عرضه في مبحث القياس ما يغني عن إطالة الحديث.
الاستدلال بحديث لا ضرر:
وقد تبناه الطوفي وقرب دلالته - بعد أن أطال الحديث في سنده - بقوله: (وأما معناه فهو ما أشرنا إليه من نفي الضرر والمفاسد شرعا، وهو نفي عام إلا ما خصصه الدليل، وهذا يقتضي تقديم مقتضى هذا الحديث على جميع أدلة الشرع، وتخصيصها به في نفي الضرر وتحصيل المصلحة لأنا لو فرضنا أن بعض أدلة الشرع تضمن ضررا، فإن نفيناه بهذا الحديث كان عملا بالدليلين، وإن لم ننفه به كان تعطيلا لأحدهما وهو هذا الحديث، ولا شك أن الجمع بين النصوص في العمل بها أولى