ومن الأخطاء التي تكررت على ألسنة كثير من الباحثين هو نسبة رأي إلى مجموع الشيعة لمجرد عثورهم على ذهاب مجتهد من مجتهديهم إليه ناسين أن الشيعة قد فتحوا على أنفسهم أبواب الاجتهاد فأصبح كل مجتهد له رأيه الخاص ولا يتحمل الآخرون تبعته.
نعم، ما كان من ضروريات مذهبهم فإن الجميع يؤمنون به والشئ الذي لا أشك فيه، هو ان المنع عن العمل بقسم من أقسام القياس، يعد من ضروريات مذهبهم لتواتر أخبار أهل البيت في الردع عن العمل به (1)، لا ان العقل هو الذي يمنع التعبد به ويحيله، ولذلك احتاجوا إلى بذل جهد في توجيه ترك العمل به مع افادته للظن على تقدير تمامية مقدمات دليل الانسداد المقتضية للعمل بمطلق الظن، وسيأتي انها غير تامة، فلو كانوا يؤمنون بالإحالة العقلية في العمل به لما احتاجوا إلى ذلك التوجيه (2).
وعلى أي فإن حجية القياس وعدمها، تعود إلى ثلاثة أقوال رئيسة:
1 - قول بالإحالة العقلية.
2 - قول بالوجوب العقلي.
3 - قول بالامكان، وهو ذو شقين إمكان مع القول بالوقوع، والقول بعدمه، فلا بد من التماس هذه الأقوال واستعراض أدلتها، وبيان أوجه المفارقة فيها لو كانت.
الإحالة العقلية وأدلتها:
والذين ذهبوا إلى هذا القول لا تختص أدلتهم بالقياس، بل تعم جميع الطرق والامارات الظنية لوحدة الملاك فيها.