ولم يمض جميع ما لدى العرف من أحكام، بل لم يمض أصل العرف كما يتوهم ليكون أصلا في مقابل السنة لعدم الدليل على هذه التوسعة.
أما المجالان الآخران، فلا يزيد أمرهما على تشخيص صغريات السنة حكما أو موضوعا، وقد مضى القول منا أن كل ما يتصل بتشخيص الصغرى لمسألة أصولية، فهو ليس من الأصول بشئ، فعد العرف أصلا في مقابل الأصول لا أعرف له وجها.
حجيته وأدلتها:
وما ذكر من أدلة حجيته لا يصلح لاثبات ذلك والأدلة التي ساقوها على الحجية هي:
1 - رواية عبد الله بن مسعود السابقة (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن)، وقد استدل السرخسي بها في (المبسوط) على ذلك يقول:
(وتعامل الناس من غير نكير أصل من الأصول كبير لقوله (صلى الله عليه وآله): ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن (1))، كما استدل ابن الهمام بها على ذلك (2).
ويرد على هذا الاستدلال: ما سبق أن أوردناه على الرواية من كونها مقطوعة، واحتمال أن تكون كلاما لابن مسعود لا رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وهي لا تصلح للحجية بالإضافة إلى أن العرف لا علاقة له بعوالم الحسن لعدم ابتنائه عليها غالبا، وما أكثر الأعراف غير المعللة لدى الناس، والمعلل منها - أي الذي يدرك العقل وجه حسنه نادر جدا -، فالاستدلال - لو تم - فهو أضيق من المدعى، وحتى في هذه الحدود الضيقة، لا يجعله أصلا مستقلا وإنما يكون من صغريات حكم العقل لما مر من أن