بينهما كما سبق إيضاحه في هذا الكتاب (1).
وإذا استثنينا من أدلتهم هذا الدليل، فإن أكثرها لا يستحق ان يعرض ويجاب عليه.
الوجوب العقلي وأدلته:
أما الموجبون له عقلا فأدلتهم لو تمت، فهي لا تشخص القياس ولا تعينه، وسيأتي عرضها عند الاستدلال على حجية القياس من طريق العقل، وإنما تشمل جميع الظنون، وربما كان مفادها أقرب إلى مفاد أدلة انسداد باب العلم.
أدلة الامكان والوقوع:
والذي يستحق ان يطال فيه الكلام، هو القول الثالث لما له من أهمية تشريعية واسعة، والتحقيق فيه أن يقال: إن القياس في حدود ما انتهينا إليه من تعريفه وأنه (مساواة محل لآخر في علة حكمه) لا يقتضي أن يكون موضعا لحديث حول حجيته وصحة استنباط الحكم الفرعي الكلي منه، لان العلة التي أخذت في لسان الدليل إن أريد بها العلة الواقعية التامة للحكم، استحال تخلف معلولها عنها في الفرع لاستحالة تخلف المعلول عن العلة، وإن أريد بها الوصف الظاهر المنضبط المناسب غير القاصر الذي أناط به الشارع حكمه وجعله إمارة عليه، استحال تخلف الحكم في الفرع عنه أيضا وإلا للزم الخلف لان معنى إناطته به وجودا وعدما عدم تخلفه عنه، فإذا فرض إمكان التخلف - كما هو مفاد عدم الحجية - كان معناه عدم الإناطة، وهو خلاف الفرض.