ولكن الاستدلال بالاجماع لا يتضح له وجه لعدم الطريق إليه بالنسبة الينا غير أخبار الآحاد لبداهة عدم إمكان تحصيله من قبلنا، ولعدم إمكان استيعاب الصحابة والتابعين كما هو الشأن في الدعوى الأولى، وعدم إمكان التعرف على آراء الامامية جميعا بالنسبة للدعوى الثانية، والاجماع المنقول متوقفة حجيته على حجية خبر الناقل له، فلو كانت حجية خبر الناقل له موقوفة عليه لزم الدور، وهناك مناقشات أخرى له لا داعي للإطالة في عرضها فلتراجع في المطولات (1).
العقل:
وقد صور بصور عدة، نذكر بعضها، ونحيل البعض الآخر على الكتب المطولة لعدم الجدوى بعرضها ومناقشتها جميعا.
أولاها: ما ذكره الغزالي من أن (المفتي إذا لم يجد دليلا قاطعا من كتاب أو إجماع أو سنة متواترة، ووجد خبر الواحد، فلو لم يحكم به لتعطلت الاحكام، ولان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا كان مبعوثا إلى اهل عصر يحتاج إلى إنفاذ الرسل إذ لا يقدر على مشافهة الجميع، ولا إشاعة جميع أحكامه على التواتر إلى كل أحد، إذ لو أنفذ عدد التواتر إلى كل قطر لم يف بذلك اهل مدينته (2)).
وقد أجاب الغزالي على الشق الأول بأن (المفتي إذا فقد الأدلة القاطعة، يرجع إلى البراءة الأصلية والاستصحاب، كما لو فقد خبر الواحد أيضا (3))، ولكن هذا الجواب غير واضح لان الرجوع إلى البراءة الأصلية في غير ما يقطع فيه محق للرسالة من أساسها، لبداهة أن