وما دام لسانه لسان شرح وبيان فلا معنى لملاحظة النسبة بينه وبين غيره من الأدلة.
2 - اعتقاده أن بين الضرر والمصلحة نسبة التناقض، ولذلك رتب على انتفاء أحدهما ثبوت الآخر لاستحالة ارتفاع النقيضين مع أن الضرر معناه لا يتجاوز النقص في المال أو العرض أو البدن وبينه وبين المصلحة واسطة، فالتاجر الذي لم يربح في تجارته ولم يخسر فيها لا يتحقق بالنسبة إليه ضرر ولا منفعة فهما اذن من قبيل الضدين اللذين لهما ثالث، ومتى حصلت واسطة بينهما فانتفاء أحدهما لا يستلزم ثبوت الآخر، وعلى هذا المعنى يبتنى ثبوت المباح، وهو الذي لا ضرر ولا مصلحة فيه.
وإذن فانتفاء الضرر هنا لا يستلزم ثبوت المصلحة، ومن هنا قلنا: إن حديث لا ضرر رافع للتكليف لا مشرع، فهو لا يتعرض إلى أكثر من ارتفاع الاحكام الضررية عن موضوعاتها، اما اثبات احكام أخر فلا يتعرض لها، وإنما المرجع فيها إلى أدلتها الأخرى.
وإذا اتضح هذا لم يبق أمام الطوفي ما يصلح للاستدلال به على المصالح المرسلة فضلا عن الغلو فيها.
غلو الطوفي في المصالح المرسلة:
وكان من مظاهر غلو الطوفي فيها تقديمه رعاية المصلحة على النصوص والاجماع، واستدل على ذلك بوجوه:
(أحدها ان منكري الاجماع قالوا برعاية المصالح، فهو إذن محل وفاق، والاجماع محل خلاف، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما اختلف فيه (1)).
ويرد على هذا الاستدلال عدم التفرقة بين رعاية المصلحة وبين الاستصلاح