شكليا لا يعتمد على وحدة يحوم من حولها الطرفان.
على أن الذي يهمنا هنا هو إيمان الأطراف المتنازعة في المسائل الفقهية بهذه القضايا وهذا ما لا موضع لخلاف فيه كما يتضح من عرض كلماتهم الآتية في مختلف ما نطرقه من مواضيع حتى أن الغزالي وهو ممن عرف بإنكار السببية الطبيعية في الفلسفة لم يعمم إنكارها إلى الفقه وأصوله وانما بنى عليها كثيرا من المسائل المهمة في القياس وغيره وسنرى بعد حين مدى إيمانه بذلك.
وإذا صح هذا عدنا إلى تحديد مفهوم كلمة الحجة لنجعل منها منطلقنا إلى تمييز ما يصلح للاحتجاج به من الأصول والمباني العامة من غيره محاولين ان نلتمس مختلف وجهات النظر في ذلك على أساس من التقييم والموازنة.
(2) تعريف الحجة:
والذي يبدو من تتبع موارد استعمال هذه الكلمة لدى الأصوليين وغيرهم ان لهم فيها اصطلاحات متعددة تختلف باختلاف زاوية المصطلح فاللغويون يطلقونها على كل ما يصح الاحتجاج به أفاد علما بمدلوله أم لم يفد شريطة أن يكون مسلما لدى المحتج عليه ليكون ملزما به يقول الأزهري (الحجة الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة (1)) ولا يتم الظفر - بالطبع - الا مع اعتراف الخصم والتزامه بما قامت عليه وانما سميت - فيما يقول الأزهري - (حجة لأنها تحج اي تقصد لان القصد لها وإليها (2)) والمرء عادة لا يقصد إلى الشئ الا إذا وجد فيه ضالته والضالة التي ينشدها العقلاء من وراء