فمن الله وحده، وان كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله برئ (1)) ولم يرد في رواية عن أحدهم لفظ الاخذ بالقياس إلا نادرا كقول عمر في رسالته إلى أبي موسى الأشعري: (اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور (2))، وهي رسالة قال عنها ابن حزم: إنها موضوعة مكذوبة عليه، وراويها عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه، وهو ساقط بلا خلاف، وأبوه أسقط منه، أو من هو مثله في السقوط (3)).
والنقاش في هذا الاجماع واقع صغرى وكبرى، أما الصغرى فبانكار وجود مثله عادة لان مثل هذه الروايات - لو تمت دلالتها على القياس - فإنما هي صادرة من أفراد من الصحابة امام أفراد، فكيف اجتمع عليها الباقون منهم، واتفقوا على فحواها؟ ولعل الكثير منهم لم يكن في المدينة عند صدورها.
ومن المعلوم ان ميادين الجهاد والبلدان المفتوحة والثغور وغيرها، أخذت كثيرا من الصحابة ولاة وعمالا وجندا وقادة، فكيف عرف اتفاقهم على هذه المضامين حتى كونوا إجماعا، ومن هو الجامع لكلمتهم، وما يدرينا ان بعضهم سمع بشأن هذه الأحكام وأنكرها ولم يصل الينا؟
ومجرد عدم العلم بإنكاره لعدم النقل، لا يخلق لنا علما بالعدم، وهو الذي يفيدنا في الاجماع لتصحيح نسبة السكوت إليهم المستلزم للاطلاع وعدم الانكار.
وأما المناقشة من حيث الكبرى، فبالمنع من حجية مثل هذا الاجماع، وذلك لأمور:
1 - ان السكوت - لو شكل إجماعا - لا يدل على الموافقة على المصدر الذي كان قد اعتمده المفتي أو الحاكم بفتياه أو حكمه وبخاصة