الاستصحاب أصل إحرازي:
ومن هذا التعريف ندرك السر في تسمية الاستصحاب بالأصل الاحرازي على ألسنة جملة من أعلامنا المتأخرين، وذلك لما لاحظوا من أن لسان اعتباره يختلف عن كل من لسان جعل الطريقية للامارة وجعل الحجية للأصول المنتجة للوظائف الشرعية.
فقد اعتبر في لسان جعله عدم نقض اليقين بالشك، فهو من ناحية فيه جنبة نظر إلى الواقع، ولكن هذه الناحية لم يركز عليها الجعل الشرعي وانما ركز الجعل على الامر باعتبار المكلف مشكوكه متيقنا، وإعطائه حكم الواقع وتنزيله منزلته من حيث ترتيب جميع أحكامه عليه فهو من حيث الجري العملي واقع تنزيلا وان كانت طريقيته للواقع غير ملحوظة في مقام الجعل، بينما نرى ان لسان جعل الامارة ركز على ما فيها من إراءة وكشف، واعتباره كاملا، فهو يقول بفحوى كلامه: ان مؤدى الامارة هو الواقع (فإذا حدث فعني يحدث) كما جاء ذلك في بعض السنة جعل الحجية لخبر الواحد والمسؤول عنه أحد الرواة من أصحاب الأئمة.
أما الأصل غير الاحرازي فهو لا يتعرض إلى أكثر من اعتبار الجري العملي على وفقه مع فرض اختفاء الواقع وبهذا يتضح:
الفرق بين الاستصحاب والامارة والأصل:
فالامارة تحكي عن الواقع والشارع بلسان جعله يقول: ان مؤداها هو الواقع.
والاستصحاب لا يقول بلسان جعله: انه هو الواقع، وانما يأمرك باعتباره واقعا.